تأليف/ عيسى علي العاكوب، دمشق: دار الفكر 2002م، 388 صفحة
هذا الكتاب: دراسة نقدية تبحث في أحد أركان العملية الابداعية في الفن الشعري، وهو الجانب العاطفي أو النفسي أو الوجداني، ومحاولة الإلمام بكل ما يتصل بهذه الحال النفسية وآثارها في العمل الشعري والتعرف على الطبيعة الفنية لها، ومدى صلاتها بعناصر الفن الشعري الأساسية، من خيال ولغة وموسيقى. كما تتناول الدراسة، الادراك النقدي العربي لهذا العنصر من عناصر الابداع الشعري، والمقاييس التي اتخذها النقاد في تحديد درجاته ومستوياته، ومن هنا تشكل بعض نصوص النقد العربي القديم حتى نهاية القرن الرابع، والأخبار التي تتحدث عن كيفيات الابداع الشعري عند شعراء العربية، وكذا الروايات التي تصور مواقف النقاد مما يعرض عليهم من نماذج الشعر، خيوطاً أساسية في نسيج هذه الدراسة. وقد انتهج الباحث للإلمام بأطراف دراسته، الاستعانة بالمنهج التاريخي بدءاً ثم بالمنهج الفني. وفق التقسيم التالي:
المبحث الأول: عرض للطبيعة الفنية لعاطفة الابداع الشعري، حيث بيّن السمات الفنية لتلك العاطفة وصلتها ببعض المفاهيم النقدية التي تتصل بالفن الشعري، مما يجعل منها عنصراً فنياً أساسياً في العمل الشعري. وقد انطوى هذا المبحث على خمسة أقسام جاءت موضوعاتها كما يلي:
* عالج القسم الأول: الادراك النقدي العربي لعاطفة الابداع الشعري من ناحية أهميتها في العملية الابداعية وأثرها في تجويد النتاج الشعري «مما قد يكون قريباً مما يسمى اليوم بالتجربة الشعرية»، مشيراً الى أركانه الأساسية. كما عرض لدور النقد العربي في عناصر هذه التجربة مطيلاً الوقوف عند عنصر العاطفة.
* أما القسم الثاني: فقد عالج الأسس النفسية للابداع الشعري من حيث أثرها في عاطفة الشاعر، كما عرض لتحديد العرب للملكات والقدرات الابداعية التي يستند اليها الابداع الشعري، من طبع وذكاء ودربة ورواية، ولما لهذه القابليات والقدرات من تأثير في عاطفة الابداع الشعري، والأسس النفسية والكيفيات التي يجد فيها الشعراء عوناً على العملية الابداعية.
* وجاء القسم الثالث: ليبحث في الصلة بين عاطفة الابداع الشعري، وبين الأغراض الشعرية المختلفة، مستعرضاً اهتمام النقاد بهذا الجانب حيث خصوا كل غرض من أغراض الشعر بشعور عاطفي يبعث عليه ويجوّد النظم فيه.
* القسم الرابع: بحث في عاطفة الابداع الشعري من جهة صلتها ببنية القصيدة، حيث عرض للموقف النقدي العربي المتأرجح بين تطلب التنويع في موضوعات القصيدة الطويلة وفق نهج القصد المعروف، وبين إلحاح النقاد على وحدة البيت الشعري واستقلاله عما قبله وعما بعده وما كان لذلك كله من تأثير في وحدة القصيدة التي تعني وحدة مشاعر الشاعر وعواطفه الجزئية في اطار الموضوع الواحد الذي تدور القصيدة في فلكه.
* ثم بحث القسم الخامس: في منزلة الابداع الشعري عند كل من أهل الطبع وأهل الصنعة من الشعراء، وفق ما بينه النقد العربي القديم والفرق بينهما فيما يتصل باحتفائهما بهذه العاطفة.
أما المبحث الثاني: فقد درس الباحث فيه عاطفة الابداع الشعري من جهة صلتها بعناصر الأداء الشعري الأساسية من خيال ولغة وموسيقى. وضم هذا المبحث ثلاثة أقسام جاءت كالتالي:
* وقف القسم الأول: على عاطفة الابداع الشعري وصلتها بعنصر الخيال الشعري، وموقف النقد من ذلك قديماً وحديثاً، حيث عرف بعض النقاد في نقدنا القديم، مفهوم المحاكاة في الفن الشعري بما أفادوا من آراء الأمم الأخرى في نقد الشعر مما أغنى معرفتهم في هذا الشأن.
* وجاء القسم الثاني: ليبين أبعاد النظرة النقدية العربية الى مسألة الصلة بين عاطفة الشاعر وبين لغته، أي بين المحتوى الشعوري لفنه الشعري وبين صورة أدائه اللغوية.
* أما القسم الثالث: فقد بحث في الصلة بين عاطفة الابداع الشعري وبين موسيقى الشعر، إذ عرف النقاد ان الموسيقى الشعرية من العناصر التي لها شأن كبير في هذا الفن من فنون القول وان هذا العنصر هو أساس الفصل بين ما هو شعر وبين ما هو منثور الكلام، كما عرض هؤلاء النقاد صوراً متعددة للتساوق والتآلف بين عاطفة الشاعر وموسيقى شعره المتمثلة في أوزانه وقوافيه وجرس ألفاظه.